موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب موقع نحلة للنحالين العرب
   الصفحة الرئيسية           المـقـالات           الأخـبــار           الــصـــور           منتدى النحالين العرب   
تـقـاريـر واسـتـطـلاعـات
المقالات
أرسل لنا تقريراً أو استطلاعاً عن بلدك أو منحلك
تشخيص قطاع تربية النحل في تونس واشكالياته
خطوط الكهرباء والهاتف الجوال والتلوث تهدد تربية النحل
ناجح الزغدودي


وتم خلال الندوة تشخيص قطاع تربية النحل في تونس واشكالياته والبحث في ظاهرة الانهيار الغامض لخلايا النحل العاسل. كما تم تأثيث الندوة بشريط وثائقي حول هذه الظاهرة في العالم. وتم أيضا تنظيم ورشات عمل اهتمت بتربية النحل ومصادر غذائه وباستعمال المبيدات في القطاع الفلاحي وتأثيرها في التلوث البيئي وما يمكن ان تسببه من أمراض وآفات تهدد خلايا النحل قبل تختم الندوة بتوصيات.
وقد تمت الإشارة في بداية الجلسة الى مسألة الإنهيار الغامض لخلايا النحل العاسل الذي أصبح يمثل ظاهرة عالمية تتزايد خطورتها من سنة إلى أخرى في أوروبا والولايات المتحدة وتدريجياً في الصين واليابان وفق التوضيحات.
وأجمع الحاضرون على تسجيل ظاهرة الإختفاء الغامض للنحل العاسل لدى جل مربيي النحل في تونس منذ ما يزيد عن خمس سنوات، وإتلاف أعداد كثيرة من خلايا النحل التي تركت المربين في حيرة من أمرهم. وأشار مربو النحل انه خلال السنوات الأخيرة طرأت على خلايا النحل التي يملكونها تطورات غريبة جدا لم يعهدوها أبدا في ما مضى.
حيث أن أعدادا هامة من الخلايا أصبحت تتلف من سنة الى أخرى وبتدرج حاد و كميات العسل المنتجة تراجعت بحدة وبلغت أدنى مستوياتها خلال السنتين الأخيرتين. وتبقى أسباب هذه الظاهرة غامضة وغير مفهومة، ذلك أن عدد الشغالات (النحلة العاملة) يبدأ بالتناقص تدريجيا وبنسق تصاعدي وسريع ينتهي بضعف ملفت للخلية ثم إتلافها نهائيا وهو ما تؤكده البيانات الصادرة عن ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى حيث تراجع عدد خلايا النحل بالبلاد التونسية بنسبة 15% بين سنتي 2007 و2009.

أسباب تراجع انتاج العسل؟
وأشارت المعطيات الى تراجع الإنتاج السنوي للعسل بنسب عالية رغم تطور أساليب العناية بخلايا النحل وقد بلغ هذا التراجع ذروته خلال سنتي 2010 و 2011، حيث أنه لم يتعد معدل الإنتاج السنوي3 كلغ للخلية الواحدة حسب تصريح بعض المربين. (مقابل معدل سنوي ب 10 كلغ للخلية الواحدة على المستوى الوطني حسب وثيقة ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى لسنة 2009 والمتعلقة بمؤشرات القطاع). وأكد المربون تقلص نشاط وحيوية خلايا النحل وظهور علامات الضعف والوهن على مستوى أفراد الخلية.
وأجمع الحاضرون على أنه في غياب تفسير علمي دقيق وقطعي حول عوامل انهيار خلايا النحل التي تفقد أفرادها دون رجعة ودون وجود نحل ميت بالخلية أو محيطها، يقدر الباحثون أن الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة تعود الى نقص مصادر غذاء النحل مرده أساسا تقلص مساحات النباتات المزهرة الأساسية التي يعتمدها النحل لغذائه نتيجة تدهور الغطاء النباتي والنقص الكبير في تنوعه.
وكذلك الإستعمال المكثف والعشوائي وبنسق تصاعدي للمبيدات الحشرية الفتاكة في النشاط الفلاحي وفي الوسط الحضري. وإستعمال بذور معالجة ببعض المبيدات الحشرية التي يمتصها نظام النبات بأكمله أثناء مراحل النمو وتمتصها النحلة في الرحيق أو غبار الطلع. من جهة ثانية يشار الى ان تلوث الهواء قد يتداخل مع قدرة النحل على العثور على النباتات المُزهرة وبالتالي الغذاء. كما أن انتشار خطوط الكهرباء ذات الضغط العالي وشبكات الإتصالات الحديثة على نطاق واسع وما تنتجه من حقول كهرو- مغناطيسية وترددات من شأنها أن تؤثر سلبا على الجهاز العصبي للنحل وقدرته على ضبط المواقع ومسار تحركاته ويعيقه بالتالي على الرجوع إلى الخلية الأم.
كما يدفع تكاثر الطفيليات والآفات مثل قراد النحل (varroa) وعدم توفر الأدوية المضادة له بأسعار مناسبة، أغلب المربين إلى استعمال مبيدات فلاحية ضارة بخلايا النحل الى جانب زراعة البذور المحورة جينيا في بعض الحقول إن وجدت يمكن أن يضعف جهاز المناعة لدى النحل الذي يرعى أزهارها.


استراتيجية العلاج
وأمام الأهمية القصوى للنحل كملقحات للمحاصيل وللحد من انهيار أعداد خلايا النحل العاسل في الجهة والمحافظة على التوازن الطبيعي والتنوع البيولوجي من أجل ضمان استمرارية حياة الإنسان وتوفير حاجياته الغذائية، وعلى غرار ما تعيره الدول المتقدمة من أهمية لهذا الموضوع وما تبذله من مجهودات لمعالجة هذه الظاهرة ، خلص الحاضرون إلى عدد من التوصيات اهمها تنويع التشجير الغابي والرعوي بإدخال أنواع عاسلة يتناوب إزهرارها على طول السنة وحماية الثروة الغابية وترشيد استغلالها وذلك بالأخذ بعين الإعتبار حاجيات قطاع تربية النحل عند إسناد رخص قطع الأشجار وحش الإكليل والزعتر وتحجير إستعمال المبيدات الحشرية الفتاكة بالنحل التي تؤثر على جهازه العصبي وإرشاد الفلاحين من اجل اختيار المبيد المناسب وطريقة الرش وتوقيته وتمتيع مربيي النحل بقروض موسمية لمجابهة مصاريف الموسم وتطوير مناحلهم أمام غلاء المواد الأساسية اللازمة للإنتاج وحث ديوان التجارة على تزويد السوق بمادة السكر الخاص بتغذية النحل في الظروف المناخية الصعبة وإدماج عنصر تربية النحل ضمن مختلف البرامج والإستراتيجيات التّي تقرها الدولة لتنمية القطاع الفلاحي لتطوير الإنتاج عن طريق عملية تلقيح الأزهار من جهة، والمحافظة على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي، من جهة أخرى وتكفل المصالح الغابية باقتناء طرود نحل سنويا وتوطينها بمختلف المناطق الغابية قصد ضمان التنوع البيولوجي وإدراج محاور البيئة وتربية النحل والأنظمة البيولوجية المتنوعة ضمن البرامج التعليمية الموجهة للتلاميذ والطلبة. 
حدّدت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية للأغذية 40 سببا لإنقراض النحل فالمبيدات الحشرية لا تمثل السبب الوحيد لموت النحل وذلك منذ بداية التسعينات في فرنسا خلافا لما يؤكده مربّو النحل. والدليل : أنه ومنذ منع إستعمال المبيدات على بذور عباد الشمس والذرة.. لم تشهد الأمور تحسنا. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن صحة النحل لم تتوقف عن الإنحدار في كل أنحاء العالم.


وفي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا أصيب النحل بمرض جديد مجهول المصدر أدى إلى سقوط جماعات النحل وقد أعدت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية للأغذية مؤخرا تقريرا نشر جزء كبير منه حيث حدّد الخبراء 40 سببا مؤديا لموت وإضعاف جماعات النحل. التقرير أكد على أنه لا توجد أي حالة من حالات التسمم ناجمة عن مواد كانت موجودة باللقاح أو البذور لهذا قررت الوكالة إحداث خلية لمراقبة المرض تعمل بشكل متواصل وقد طلبت الوكالة إحداث مؤسسة تقنية لمربّي النحل وبيان عدد الخلايا بشكل إجباري سنوي وذلك بهدف صحي بحت وإتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة عدم إحترام القواعد هذه الاجراءات اللازمة دخلت حيّز التطبيق في أكتوبر الماضي.
أثر المبيدات الحشرية على النحل ليس خافيا ولكنه يقتصر على حالات تسمم حادة تسبب فيها العلاج خلال فترات الأزهار أو خلل في تصنيع البذور المغلفة. لكن وحسب الوكالة الفرنسية ال AFSSA فإن الأثر المزمن للمبيدات الحشرية الذي أشار إليه مربو النحل لا يمثل سببا رئيسا. ماهو مؤكد أنّ المشكل الرئيسي في تربية النحل هو ما يسمي بال Varoa المتأتية من أندونيسيا. هذا الكائن الصغير وصل إلى فرنسا في نهاية الثمانينات قد تسبب في خسائر فادحة وقد عملت عولمة التجارة بملكات النحل على إنتشار هذا المرض عبر العالم. تقرير الوكالة الفرنسية ال AFSSA أكد على وجود نسبة قليلة من العلاجات ضد هذه الفطريات مثلما ندّد ببعض الممارسات التي تقود مربي النحل إلى إستعمال مواد خطرة بالنسبة إلى النحل. وبعض الفطريات تتفاعل مع الفاروا داخل خلية النحل.
تراجع الفلاحة البيولوجية لتكثيف الإنتاج الفلاحي يمثل أيضا أحد أسباب موت النحل المذكورة في التقرير هذا إضافة إلى التلوث البيئي. النحلة هي أيضا من النوع الأهلي وهي كائن رقيق جدا وحشرة إجتماعية وليست بقرة تنتج عسلا. تلقيح الملكات منذ السنوات 1980 و 1990 دأب عدد من مربي النحل على شراء ملكات نحل من إيطاليا أو القوقاز مفضلين ذلك على النحل الأسود المحلي الأقل إنتاجا والأكثر شراسة لكن فقدان الكثير من جماعات النحل قد زاد في تفاقم المشكل. فهذه التجارة قد تسببت في الإختلاط الجيني وهذا ما ورد في تقرير ال AFSSA هناك القليل من الدراسات العلمية التي واجهت هذه المسألة الصعبة.
نعلم بالرغم من ذلك أن ملكة النحل تلعب دورا مركزيا في حياة الخلية وقد أثبتت دراستان حديثتان أن الملكة التي يتم تلقيحها من طرف عشرات الذكور تكون مجموعتها أكثر نشاطا وحيوية وقدرة على الصمود خلال الشتاء من تلك التي يتم تلقيحها من طرف ذكر واحد. تربية النحل والتلقيح الاصطناعي للملكات الذي يتم إعتماده في عملية الإنتاج أكثر فأكثر يمكن أن تكون له آثار سلبية على المردودية وعلى حياة جماعات النحل هذه الممارسات تختصر عدة مراحل من الإنتقاء الطبيعي مثلما أكد Freddie Jeanne Richard من جامعة بواتيي التي إشتغلت حول الملكات هناك باحثون مثل لوران قوتيين من جامعة مون بيليي يؤكدون على أن المحيط الملوث من شأنه أن يضعف خصوبة النحل ويهدد بقاءه. 

مسموح النقل من الموقع شريطة ذكر الموقع والمؤلف www.na7la.com 2007-2011